الثلاثاء 2014/11/11

آخر تحديث: 13:29 (بيروت)

وبايع "الأنصار" البغدادي.. فصار في مصر "داعش"

الثلاثاء 2014/11/11
وبايع "الأنصار" البغدادي.. فصار في مصر "داعش"
حسم "الأنصار" موقفهم من إعلان البيعة للبغدادي، وذلك بعد تسوية الاتفاقات العالقة بخصوص الدعم المالي والبشري واللوجيستي. (أ ف ب)
increase حجم الخط decrease
لم يمر أسبوع على نفي "أنصار بيت المقدس" خبر مبايعتهم لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، حتى قُطع الشك باليقين، حين أصدروا مقطعاً صوتياً يعلنون فيه البيعة لمن أسموه الخليفة. خلا الإعلان الأخير، الذي نُشر فجر الإثنين، من المفاجأة، لأن نفي البيعة في الأسبوع الماضي أنكر الخبر لكنه أثبت صفة "الخليفة" لأبي بكر البغدادي، ما يعني ضرورة البيعة عاجلاً أم آجلاً بحسب أدبيات الإسلاميين.

أثير التساؤل حول سبب هذا التضارب، وعن احتمال أن يكون هناك انقسام داخل تنظيم "الأنصار"، أقوى التنظيمات المسلحة العاملة في مصر وأخطرها على الإطلاق. فسّر بعض المتابعين للشأن الجهادي ذلك، بوجود خلل في الاتصال بين قيادة التنظيم في سيناء والقيادة في وادي النيل، في حين أرجعها البعض إلى وجود انقسام في وجهات النظر لم تكن قد حسمت بعد، أو وجود ضعف في الاتصال بين "الأنصار" وتنظيم الدولة الإسلامية.

تفسيرٌ آخر قدّمه أحد مغرّدي جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة على موقع "تويتر"، قبل أن يختفي حسابه من الموقع لأسباب مجهولة. وفي عدد من التدوينات القصيرة المنشورة عصر الإثنين، قدّم الناشط في مؤسسة المنارة البيضاء التابعة لجبهة النصرة، واسمه المستعار (أبو سمية #الثورة)، شروحاً لسبب التضارب، مرجعاً إيّاها لخلاف حول تأخر تنظيم الدولة في إمداد "الأنصار" بالمال والرجال. بحسب "أبو سمية"، فإن تنظيم الدولة قد تضخمت موارده وتضاعفت بعد دخوله مدينة الموصل واستفادته من عائدات النفط، ثم بدأت حملة موسعة لشراء الولاءات من الجماعات الجهادية في أماكن متفرقة من العالم، وحين عجز عن ذلك لجأ إلى تمزيق الكيانات الجهادية غير الموالية له، بإنشاء جماعات أخرى تتصارع معها ساحاتها.

بحسب تغريدات "أبو سمية"، فإن تنظيم الدولة قد أنشأ تنظيمات موالية ومبايعة له تحت أسماء "جند اليمن"، و"فرسان ليبيا"، و"جند الخلافة" في الجزائر، وهي كلها تنظيمات يراد بها إضعاف امتدادات القاعدة في اليمن وليبيا والمغرب العربي. وبخصوص بيعة "الأنصار" في مصر، قال أبو سمية إن الخبر قد تم تسريبه من ناحية تنظيم الدولة عبر قنوات اتصالها مع وكالة "رويترز" من دون الرجوع إلى "الأنصار" أنفسهم، وهو ما حدا بالأنصار إلى النفي عبر حسابهم في موقع "تويتر"، ثم إغلاق حسابهم وفتح حساب جديد. أما الآن، فقد حسم "الأنصار" موقفهم من إعلان البيعة للبغدادي، التي تمت بالفعل قبل فترة، وذلك بعد تسوية الاتفاقات العالقة بخصوص الدعم المالي والبشري واللوجيستي.

تؤكد مصادر "المدن" من مراقبي الشأن الجهادي أن تغريدات "أبو سمية"، التي استطعنا الحصول على لقطات مصورة لأغلبها، قد اختفت عقب نشرها بوقت قليل، وأن حسابه الذي كان مصدراً مهماً لأخبار جبهة النصرة قد اختفى. ويشير بعض المراقبين إلى أهمية هذه التغريدات لفهم جانب من تفاصيل الصراع الجهادي–الجهادي، وإن كان أغلبها يضم اتهامات مرسلة، قد لا تجد ما ينفيها كما لا تجد ما يثبتها.

على المستوى المحلي في مصر، لا يبدو أن طفرة نوعية قد تحدث قريباً في هجمات "الأنصار" التي سبق أن تفوقت على وحدات عسكرية كاملة، وأسقطت مروحية مقاتلة في شمال سيناء. فمن الناحية الفنية، يجمع تنظيم "الأنصار" منذ شهور بين تكتيكات حرب العصابات وأساليب القوات الخاصة في الجيوش النظامية، بفضل انضمام ضابط الصاعقة المصري المفصول من الخدمة، هشام عشماوي، للتنظيم، كقائد لعملياتهم خارج سيناء. لكن، لا يمكن التقليل من شأن إعلان البيعة وأثره في التعبئة وتجنيد أعضاء جدد من المؤيدين أو المتعاطفين مع "داعش" بسبب حرب التحالف الدولي ضدها.

والآن، لم يعد للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أن يسوّغ سياساته القمعية بدعوى تجنب مصير سوريا والعراق، كما اشتهر على لسانه في الفترة الماضية. فقد صار في مصر رسمياً فرع للتنظيم، الذي ولد من رحم أزمات الهلال الخصيب، فأذاق أهل بلاده ويلات الجحيم. رفض السيسي الاستجابة للتحذيرات التي تنبّأت بهذه النتيجة، التي لم تكن تتطلب قدرات استثنائية في التحليل والتوقع كي تستنتج أن السيْر على خطى بشار الأسد ونوري المالكي لن يؤدي إلى أوضاع تشبه السويد والنروج، بل إلى مستنقع العنف اللانهائي، الذي سيخرج حتماً عن قدرته على التحكم والتوظيف لتبرير مزيد من القمع.

على المستوى الأيديولوجي، اقترب "أنصار بيت المقدس" من "داعش" منذ شهور طويلة، حيث أعلنوا تكفير الجيش والشرطة من دون استثناء لصغار المجندين إجبارياً الذين يقضون فترات خدمتهم القسرية، كي يتمكنوا من العمل والسفر. لكن التوجسات الآن تتجه إلى تغيير نوع الأهداف، فهل يمكن أن يستهدفوا السفارات والبعثات الدبلوماسية للدول المشاركة في التحالف الدولي للحرب على "داعش"؟ وهل سيختارون أهدافاً من اللاعبين السياسيين فيعتبروهم النظير المصري لـ"الصحوات"؟ وهل سيدخلون في صراعات من أجل الهيمنة على المشهد الجهادي وإلزام الجماعات الأخرى، مثل "أجناد مصر"، على الانضمام لهم ومبايعة أميرهم؟!
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها