الأحد 2015/05/10

آخر تحديث: 16:29 (بيروت)

اللاذقية..تهريب آثار المتاحف وأموال المصارف!

الأحد 2015/05/10
اللاذقية..تهريب آثار المتاحف وأموال المصارف!
النظام ليس بهذا الغباء ليتحمل مسؤولية "اعترافه" بوضع معظم الآثار السورية تحت حمايته (أ ف ب)
increase حجم الخط decrease
تعيش مدينة اللاذقية هدوءاً حذراً ينذر باقتراب حدوث العاصفة، التي تدق ناقوسها أغلب وسائل الإعلام المؤيدة للثورة السورية، أو المتعاطفة معها. وعلى الرغم من كثافة الشائعات التي باتت المحرك الأول لتوجهات الناس وتخوفاتهم، إلا أن هناك حقائق لا بد من التعامل معها على أرض الواقع من دون مبالغة أو تهويل، كموضوع سرقة أموال المصارف أو تهريب آثار المتاحف، من مختلف المحافظات بما فيها محافظة اللاذقية.

وفي حين غاب الإعلام الرسمي، حاول الإعلام الموالي للنظام، لعب دور في دحض الشائعات، ومحاولة رفع الهمم والمعنويات، من خلال حملة مكثفة لعدم تصديق كل ما يشاع؛ كسقوط قمة النبي يونس، أو اقتحام قوات "الدفاع الوطني" لأحد الأحياء المعارضة والتهديد بمجزرة، أو حصول تمرد في إحدى القرى العلوية. القنوات الموالية استخدمت أسلوب دفع المشاهدين للتأكد بأنفسهم، وارسال صور عن كل ما يشاهدونه، لتعميم تجربة المواطن الصحافي، التي سبقتهم إليها القوى الثورية منذ سنوات. الشائعات طالت مؤخراً تحركات النظام داخل مدينة اللاذقية، ونشر عدد كبير من القوات والحواجز، والبدء بنقل محتويات المصارف ومديريات النفوس، ومقتنيات متحف المدينة، إلى أماكن أكثر أمناً. وذلك في محاولة لتقليد سيناريو ما قبل تحرير مدينة إدلب الذي رافقته هذه الشائعات.

يقول رئيس إحدى الدوائر الحكومية التابعة للنظام: "هي مجرد محاولات لتوظيف حقائق حصلت فعلاً على الأرض". ويحاول الموظف الكبير شرح حيثيات التحركات، التي تجري بشكل منطقي بحسب رأيه؛ فمع بداية الثورة السورية تنبه النظام لضرورة الحفاظ على محتويات دوائر يعتبرها مهمة، لا سيما المصارف والسندات والأموال، إضافة إلى مقتنيات المتاحف في مختلف المحافظات، فأصدر في هذا الخصوص قراراً مركزياً من دمشق، عممته "المديرية العامة للآثار والمتاحف" على معظم المديريات في المحافظات، قبل الإنتقال إلى النزاع المسلح، ويقضي بنقل معظم مقتنيات المتاحف إلى أماكن آمنة، بحيث تبقى في عهدة النظام، للحفاظ عليها ومنع خطر سرقتها وبيعها للخارج، كما حصل في العراق.

ويضيف المصدر قائلاً: "طُلب من إدارات المتاحف إجراء مسح شامل للمقتنيات، وتسجيل ما تحتويه الغرف، وواجهات العرض المختلفة، وجاءت سيارات خاصة رافقتها جهات أمنية، لتتسلم العهدة وتنقلها إلى جهة لا يعرفها أحد". واعتقد البعض بأن الآثار تنقل إلى دمشق، باعتبارها المحافظة الاكثر أماناً، في نهاية العام 2011 وبداية 2012.

في منتصف العام 2012، فَرُغت المتاحف تماماً من محتوياتها، في ظل احتمال نقلها خارج البلاد، على اعتبار أن سوريا بمعظمها أصبحت تحت مرمى النيران.

الغرف المخصصة للعرض، في متحف اللاذقية، موصدة بوجه الزوار، بأبواب معدنية محكمة الاقفال، حتى اشعار آخر، ما يشي باستشعار النظام لخطر الفلتان الأمني منذ أيام الثورة الأولى. وتخلو حديقة المتحف إلا من بعض الحجارة الأثرية، والتماثيل قليلة الأهمية، فنياً وتراثياً. ذلك يؤكد بأن الشائعات عن سرقة مقاتلي المعارضة للآثار الموجودة في متحف إدلب، ليست إلا محض افتراء وخيال، نظراً لأن المديرية العامة للآثار والمتاحف، نشرت عبر وسائل الإعلام، قرارها بنقل جميع القطع الأثرية خارج المتاحف، ولم تعترف حتى الآن، سوى بسرقة قطعتين أثريتين، أكدت أنها ستحاول استرجاعهما بالطرق القانونية.

من جهة ثانية، يؤكد أحد العاملين في مصرف حكومي ضمن مدينة اللاذقية، أن النظام ليس بهذا الغباء ليتحمل مسؤولية "اعترافه" بوضع معظم الآثار السورية تحت حمايته. ففي حال ضياع أية قطعة، سيكون وحده المسؤول عنها، أولاً وأخيراً، كما أن اتهامه بسرقتها يصبح أمراً بغاية البساطة. فالقرارات التي أصدرها تجعله المسؤول الأول والأخير عن مستقبل الآثار السورية في حال سقوطه أو بقائه، و"الأمر نفسه ينطبق على السندات والأموال والعملات الصعبة التي تحويها البنوك". يتابع موظف المصرف حديثه، مشيراً إلى أن هذين القطاعين، يعتبران الأكثر إلحاحاً بالنسبة للنظام، على عكس دوائر النفوس والمصالح العقارية، اللذين لم يتم الإهتمام بهما بالشكل المطلوب، حتى أن حراستها تُعد ضعيفة إلى حد ما، لا بل تعتبر معدومة.

يؤكد الموظف المصرفي: "توقفت البنوك عن اعطاء القروض، وسحب المواطنون الكثير من الايداعات مع بداية الثورة، حتى أن النظام حرص على وضع يده على معظم تعاملات المصارف بشكل يومي، وعدم تركها في عهدة البنك، إلا النذر اليسير منها، بحجة حمايتها وحفظها. فالبنك المركزي في اللاذقية خالٍ تماماً إلا مما يساعد في تسيير المعاملات الجارية اليومية، وعملية سحب مبلغ كبير تتطلب اجراءات كثيرة، قد تصل إلى الاستجواب الأمني، في بعض الأحيان". هذا في ظل انتشار أقاويل كثيرة، تشير إلى أن النظام قام بوضع هذه الأموال المودعة في مصارفه، لدى بنوك أجنبية، منذ وقت طويل "دون أن تكون هناك دلائل على صحة هذا الإدعاء، رغم عدم وجود موانع قانونية، تعيق تنفيذ مثل هذه العملية".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها