الجمعة 2015/05/29

آخر تحديث: 14:19 (بيروت)

تحديات داخلية تعيق بدء معركة حلب

الجمعة 2015/05/29
تحديات داخلية تعيق بدء معركة حلب
الوجود العسكري الكثيف لقوات النظام في حلب يفرض على المعارضة رصد كميات كبيرة من الذخيرة والعتاد، لبدء معركة جدّية.
increase حجم الخط decrease
جملة من التحديات والصعوبات تواجهها المعارضة، عملت على تأخير انطلاق المعركة الشاملة ضد النظام في حلب، والتي أعلن عن بدء التحضيرات لها منذ مدة، وتشكيل غرفة عمليات "فتح حلب".

فمع كل تقدم تحرزه المعارضة في إدلب، ينتفض ناشطو مدينة حلب، ساخرين من غرفة عمليات مدينتهم، التي وصفوها بغرفة البيانات النظرية، التي لم تتمكن حتى الآن من تحقيق أي هدف من أهدافها التي تشكلت من أجلها.

الناطق الرسمي باسم "الجبهة الشامية" العقيد محمد الأحمد، أكد أن التحضيرات للمعركة الحاسمة في حلب، قد شارفت على الانتهاء، وقد أخذت غرفة عمليات "فتح حلب" بعين الاعتبار كل الجوانب، الأمنية والخدمية، لإدارة المدينة بعيد السيطرة الكاملة عليها.

وأضاف العقيد محمد الأحمد، لـ"المدن"، أن معركة حلب ستكون كبيرة وواسعة وتحمل في طياتها تهديداً مباشراً لحياة الألاف من المدنيين العالقين في مناطق سيطرة النظام، لذلك كان لا بد من وضع الخطط المناسبة، للتقليل من الأخطاء العسكرية التي قد تهدد المدنيين. وكان لزاماً على غرفة العمليات التفكير جدياً بوضع آليات يتم من خلالها إخلاء تلك المناطق، وتأمين أماكن إقامة مؤقتة أو ملاجئ تقي الناس الانتقام المتوقع من قبل النظام جواً وبراً.

وأشار الأحمد، إلى أن تأخر معركة حلب يرجع لأسباب عديدة، أبرزها الثقل العسكري لقوات النظام في حلب، والذي يتوزع على ثكنات عسكرية متخمة بالعدة والعتاد؛ كـ"المجمع العسكري" في الراموسة الذي يحوي ثلاثة كليات عالية الجاهزية؛ "كلية المدفعية" و"كلية التسليح" و"الكلية الفنية الجوية"، بالإضافة إلى "الأكاديمية العسكرية" والثكنات المنتشرة غربي حلب. كل ذلك يفرض على المعارضة رصد كميات كبيرة من الذخيرة والعتاد الواجب توفيرها لبدء معركة جدية مع النظام، وفي سبيل ذلك كان لابد من الوقت والجهد لتحقيق المطلوب.

من جانبه، أكد عضو "الائتلاف السوري" عن فصائل حلب، أسامة تلجو، لـ"المدن"، أن اجتماعاً تحضيرياً عقد مؤخراً، ضم عدد من الفعاليات والقوى الثورية في المدينة، بهدف تحديد الشركاء في الإدارة المدنية، وتوجيه الدعوة لهم لتقديم خططهم للمرحلة المقبلة، ثم الخروج بخطة متكاملة للإدارة المدنية، يتم الاتفاق عليها بشكل نهائي مع غرفة عمليات "فتح حلب".

وأشار تلجو إلى أن الهدف الرئيسي من هذه الاجتماعات التي تضم مختلف الجهات والمؤسسات؛ الخدمية والإغاثية والأمنية والصحية، هو التخفيف من وطأة المعركة المقبلة على المدنيين قدر الإمكان وحمايتهم، بالإضافة إلى الحفاظ على المنشآت العامة والخاصة.

الفراغ الإداري والمخاطر الأمنية التي تتهيأ لها غرفة العمليات، والتي كانت سبباً في تأخير العمل العسكري، ليست الوحيدة التي تعكر صفو المعارضة في خضم تحضيراتها. فتنظيم "الدولة الإسلامية" صعّد من عملياته ضد المعارضة، التي بدت وجلة من سياسة اقتناص الفرص التي ينتهجها التنظيم. فقد قصف التنظيم على مدى اليومين الماضيين مدناً وبلدات شمالي حلب، بعشرات القذائف الصاروخية والمدفعية، بالتزامن مع اشتباكاته المتقطعة مع قوات النظام في محيط المنطقة الصناعية في الشيخ نجار وتلة الطعانة التي تبعد عشرين كيلومتراً عن مدينة الباب، معقل التنظيم.



تحركات التنظيم وتصعيده على أكثر من محور، تداعت له فصائل تابعة للمعارضة، وبدأت التحضيرات للإعلان عن غرفة عمليات "درع حلب" لاستكمال المعارك التي بدأتها "الشامية"، الأسبوع الماضي، وتوقفت بعد السيطرة على أربع قرى غربي مدينة الباب، كانت خاضعة للتنظيم، وهي الحصية وقول سروج وحساجك وسد الشهباء. وتضم "درع حلب" الفصائل التالية: "أحرار الشام الإسلامية" و"جيش الإسلام" و"لواء صقور الجبل" و"الجبهة الشامية"، وستبدأ عملياتها العسكرية ضد التنظيم خلال الساعات القادمة.

تقدّم تنظيم "الدولة"، ليل الخميس-الجمعة، باتجاه بلدة التقلي شمال صوران بالقرب من الحدود التركية، بعد اشتباكات عنيفة مع قوات المعارضة. وتعتبر قرية التقلي موقع متقدم بإتجاه معبر باب السلامة  شمال أعزاز الذي يحاول التنظيم السيطرة عليه، فيما تستمر الاشتباكات على أكثر من محور بين المعارضة وعناصر التنظيم في صوران و حور وتل مالد والحصية، يكثف خلالها التنظيم من إستخدام الأسلحة الثقيلة التي تسببت بمقتل مدنيين وجرح العشرات حتى اللحظة.

وفي السياق، عاد التوتر مجدداً إلى حي الشيخ مقصود بحلب، بين فصائل المعارضة ومليشيا "وحدات حماية الشعب" الكردية، ليتمدد خلال ساعات قلائل، إلى مدينة عفرين شمالي حلب. واندلعت اشتباكات متقطعة وقطع للطرق، وحملة اعتقالات شملت عناصر من الطرفين. وأعلنت غرفة عمليات "لبيك أختاه"، التي أطلقتها المعارضة بداية أيار/مايو، أنها تمهل "وحدات الحماية" 48 ساعة قبل دخول حي الشيخ مقصود وإعلانه منطقة عسكرية. ويعود سبب التوتر لعدم التزام المقاتلين الأكراد ببنود الاتفاق الذي أبرم على خلفية اعتداءات ارتكبها مقاتلون تابعون لوحدات الحماية، بحق امرأة عربية من حلب.

عضو المكتب السياسي في "تجمع استقم كما أمرت" بسام مصطفى، قال إن المعارضة بحلب تدرك تماماً أن "وحدات الحماية" الكردية تلعب دوراً سلبياً منذ بداية الثورة، ولكن معركة "فتح حلب" وتحضيراتها "اقتضت منا ضبط ايقاع الخلافات الآن لصالحها، حيث تحاول وحدات الحماية جرنا إلى معارك هامشية، من خلال عمليات استفزازية، للفت الانتباه دولياً، والظهور بمظهر الضحية".

وأشار مصطفى، في حديثه لـ"المدن"، إلى أن المليشيات الكردية على تواصل مستمر مع النظام السوري، وهي تحاول أن تسخّر ذلك في سبيل تحقيق مصالحها الضيقة، لكن المعارضة متنبهة لخطورة الموقف، وتعرف تماماً حجم هذه المكونات التي تحاول اللعب على أكثر من وتر على امتداد الجغرافية السورية.

وأكد مصطفى، على أن اتفاقاً مبدئياً، قد تمّ التوصل إليه، مع "وحدات الحماية"، الخميس، تعهدت خلاله الوحدات بتطبيق بنود الاتفاق الأول، الذي عُقد بعد تشكيل غرفة عمليات "لبيك أختاه" بداية أيار/مايو، بضمانة "تجمع استقم كما أمرت" و"الفرقة 16". وأشار مصطفى إلى أن المشاكل التي تفتعلها "وحدات الحماية" بحلب، تأتي في إطار إجهاض التحضيرات المستمرة في "غرفة عمليات الفتح"، وتعتبر من جملة المعوقات التي تؤخر بدء العمليات العسكرية في المدينة.

ميدانياً، صعّد النظام قصفه على ريف حلب الجنوبي، الذي شهد معارك كر وفر خلال اليومين الماضيين، في محيط بلدتي الشيخ محمد والرشادية الواقعتان على مقربة من طريق الإمداد، العابر لبادية حلب باتجاه معامل الدفاع، مروراً بخناصر. كما شنّ الطيران الحربي والمروحي غارات على أحياء الهلك وبستان الرز وعين التل والشعار، بالإضافة إلى استهداف مواقع المعارضة شمالي حلب في حندرات والبريج بالبراميل المتفجرة. وفي حلب القديمة قامت قوات النظام مساء الخميس، بتفجير نفق تسبب بتهدم مبان يتحصن فيها عناصر تابعين لمليشيا "الدفاع الوطني"، عن طريق الخطأ.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها