الأربعاء 2014/03/19

آخر تحديث: 21:14 (بيروت)

الثورة السورية والفجر الآتي

الأربعاء 2014/03/19
increase حجم الخط decrease
مع انطلاق الثورة الشعبية في تونس ونزول المواطنين الى الشوارع بهتافاتهم الهادرة ولازمتها "الشعب يريد"، وانتقال التظاهرات الى مصر وليبيا شعرنا، معتقلو الرأي في سجن دمشق المركزي/عدرا، بفرح غامر، لقد عادت الروح الى الشعوب وكُسر حاجز الخوف الذي كبلها وشل حركتها طوال عقود. تابعنا أخبارها عبر أقنية التلفزيون المتاحة( الفضائية السورية والدنيا) وتسقطنا من الزوار، ومن الاصدقاء عبر الهاتف، انعكاس ذلك على الشعب السوري، كنا نتحرق شوقا لنبأ يقول ان تظاهرة خرجت في مكان ما من سوريا تطالب بالحرية ... بالتغيير. وقد جاء نبأ تظاهرة الحريقة يوم (17/2/2011) وهتاف المشاركين فيها "الشعب السوري مابينذل" كنسمة ربيعية في يوم صيف شديد الحرارة. 
استبشرنا خيرا وقلنا لقد انهار السد ولم يعد امام السيل حاجز، انتظرنا انباء جديدة لأيام لكن دون طائل، تحدثنا الى الاصدقاء عبر الهاتف عن الاوضاع فعلمنا بتنفيذ نشطاء لاعتصامين تضامنا مع الشعب الليبي امام السفارة الليبية في دمشق وقمع النظام لهما وتفريقهما بالقوة( قالت ناشطة ممن شاركن بالاعتصامين انهما كانا بالون اختبار للمواطنين والنظام، وان النظام ادرك مغزاهما فرد بقوة باطشة: سحل بعض المعتصمات ومزق ثيابهن). فعزمنا يوم(7/3/2011) ان نقدم للنشطاء سببا محليا للاعتصام بان نقوم بإضراب عن الطعام مشفوعا بمطالب سياسية تتعلق بحالة الطوارئ والقمع ونطالب بإطلاق حرية الرأي والتعبير، فكتبنا نصا جاء فيه:"بحلول 8 آذار يكون قد مضى 48 عاماً على إعلان حالة الطوارئ من قبل سلطة عسكرية انقلابية, غير منتخبة, والذكرى السابعة لاستشهاد الكورد السوريين في مجزرة 12 آذار, وما تزال حالة اللاقانون تحكم سوريا حتى الآن, وما تزال سطوة أجهزة الأمن تكرس حالة الاستبداد السياسي, وتستخدم القضاء الذي تهيمن عليه, للقضاء على حرية الرأي والتعبير والتنكيل بالمعارضة, عبر التهم الملفقة والأحكام التعسفية, متذرعة بحالة الحرب, التي تشنها السلطة على المجتمع وحقوقه وأرزاقه, مما جعل الشعب السوري بكل مكوناته, يعاني الأمرين على يد سلطة الاستبداد والفساد, ونحن دفعنا الكثير من أجل قضية الحق والحرية, وقد حان الوقت لإلغاء هذه الحالة الاضطهادية الشمولية تماشياً مع رياح التغيير الديمقراطي التي تجتاح العالم العربي, مجسدة الحقوق التي تطالب بها الشعوب, والتي لا يعقل أن تكون محقة ومشروعة في تونس ومصر وغيرهما ولا تكون محقة في سوريا أيضاً. لذلك قررنا نحن سجناء الرأي في سجن عدرا الواردة أسماؤهم الإضراب عن الطعام مطالبين بإغلاق ملف الاعتقال السياسي ورفع المظالم ورد الحقوق التي سلبت من الحياة المدنية والسياسية". وذيلنا التصريح بتوقيعاتنا. 
سربنا التصريح الى الاصدقاء خارج السجن( أرسله الشهيد مشعل تمو مع أحد الزوار) وانتظرنا رأيهم وقد كانوا كما توقعنا حيث قرروا الاعتصام امام وزارة الداخلية يوم(12/3/2011) تضامنا معنا وتأييدا لمطالبنا لكنهم اضطروا لتأجيله فكان اعتصامهم(16/3/2011) وما نجم عنه من تجمهر ورد النظام العنيف بتفريق المعتصمين بالقوة واعتقال عدد منهم. 
جاء الاعتصام بعد يوم على تظاهرة الجامع الاموي(15/3/2011) فعزز ثقة المواطنين بأنفسهم قبل ان تفجر درعا صاعق الثورة يوم (18/3/2011) وتهب مدن وبلدات وقرى سوريا ضد القمع والطغيان والإذلال منادية بالحرية والكرامة. 
أنطلق المواطنون، رغم بطش النظام وقتل المواطنين بدم بارد واعتقالهم بالمئات، في فعاليات ميدانية وإعلامية ( تظاهرات، يتزايد عدد المشاركين فيها باضطراد، تصوير التظاهرات، بث الصور الى وسائل الاعلام العربية) معلنين ان لا رجعة عن الثورة حتى تتحقق مطالب الشعب بالحرية والكرامة.
لقد وقفت في طريق انتصار ثورة الحرية والكرامة دول وتنظيمات وميليشيات قاتلت في صف النظام، وأخرى دخلت على خط الصراع لخدمة أهدافها ومصالحها على حساب دماء السوريين ومعاناتهم، وثالثة لخدمة برامجها العقائدية التي لاتلتقي ولا تتقاطع ولا تنسجم مع مطالب الشعب وتطلعاته السياسية والاجتماعية، بمن في ذلك من قالوا انهم أصدقاء الشعب السوري وتصرفوا تصرف الاعداء عبر عدم القيام بالدور المطلوب في الوقت المناسب، ناهيك عن تنافسهم وصراعهم على آلامنا وجراحنا وأشلائنا.       
دخلت الثورة منذ أيام عامها الرابع والشعب السوري مثخن بالجراح نتيجة خيار النظام باعتماد الخيار العسكري واستخدام كل امكانات الدولة المادية والعسكرية لإعادة المواطنين الى بيت الطاعة والقضاء على نداء الحرية والكرامة الذي دفع مفجري الثورة والمواطنين الى بذل الغالي والثمين للاستجابة له وتحقيقه في أرض الواقع.
 لم يهن المواطنون ولم يتراجعوا امام قوة البطش والتدمير بالرغم من الثمن الكبير الذي دفعوه( اكثر من 160 الف شهيد، موثقين بالأسماء، و 500 الف جريح، ومئات آلاف المعتقلين والمفقودين، و 2.5 مليون لأجئ، و6.5 مليون نازح، وأكثر من مليون منزل مدمر، ناهيك عن المشافي والمدارس والمساجد والكنائس والطرق والجسور التي سويت بالأرض، والمصانع والمزارع التي غدت غير صالحة للإنتاج).
مازال نداء الحرية والكرامة يملك على المواطنين عقولهم ويهيمن على تفكيرهم ويملأ قلوبهم بالقوة والإيمان ويدعوهم الى مواصلة المسير فالفجر آت لا محالة.
 \\ كاتب سوري \\ 
 
increase حجم الخط decrease

الكاتب

مقالات أخرى للكاتب