الإثنين 2014/03/24

آخر تحديث: 07:30 (بيروت)

عنصريتكم.. لن نتركها تمرّ!

الإثنين 2014/03/24
عنصريتكم.. لن نتركها تمرّ!
لا للـ"عونـ"صرية (عمل لفراس حلاق)
increase حجم الخط decrease
لا فعل يؤاتي بعض اللبنانيين، كي يتغاضوا عن هوان عيشهم وعجزه، أكثر من العنصرية. فمِن كُره اللاجئين السوريين والحقد عليهم، يستمد هؤلاء قوتهم، أو لنقُل حضورهم في واقعٍ، ليس في استطاعتهم أن يقرروا أي شأن متعلق به. لذا، وبكل ما لديهم من جهل، معطوف على مباهاة وقحة، ينظرون إلى الهارب من براميل البعث، على أنه مسبِّب أزماتهم، ومبدِّل أحوالهم نحو الأسوأ.

إثر هذا النظر، يخرج واحد منهم، كاتباً على جدار من جدران بيروت :"إلى كل حقير سوري إرحل"، وسيذهب آخر إلى فتح صفحة فايسبوكية، يسميها :"الحركة النازية اللبنانية ضد الوجود السوري في لبنان". ومع هذا وذاك، يجتمع  وزير عوني، يدعى نقولا صحناوي، مع رفيقه في "التيار الوطني الحر"، المهندس زياد عبس، كي يقترحا، خلال مؤتمرهما الصحافي، "شحن" السوريين إلى بلادهم، أي طردهم إلى المجزرة.
 
إلا أن هذه الأفعال، وغيرها، "لن تمر". ففي 21 آذار، اليوم العالمي لمكافحة التمييز العنصري، أنشأ عدد من الناشطين والناشطات اللبنانيين، صفحة  "الحملة الداعمة للسوريين بوجه العنصرية" في "فايسبوك"، "رفضاً لكل محاولات التضييق والعنف التي تطاول السوريين، ورفضاً لكل الخطابات السياسية العنصرية، وما يرافقها من تحريض إعلامي"، حسبما جاء في تعريفها. وعليه، انطلقت الصفحة في نشر صور، يظهر فيها المتضامنون مع اللاجئين السوريين، بينما يرفع كل منهم ورقة ً، يكتب عليها عبارة ً، تساعده في إيضاح موقفه، وتعيين رأيه ووجهته، التي يدل عليها هاشتاغ #لا_للعنصرية.
 
 لم يتعد عمر الصفحة الـ48 ساعة، حتى أعجب بها حوالي ستة آلاف شخص، إذ تبدو أنها على نشاط متزايد من ساعة إلى أخرى، لا سيما مع تلقيها كمّاً من الصور، التي سرعان ما تحضر على الجدار الأزرق الواحدة تلو الأخرى. وهنا، من الضروري الإشارة إلى أن هذه الحملة الفايسبوكية لم تتقيد بخطاب إنساني تقليدي، يعمد إلى تجهيل السبب، الذي دفع السوريين إلى ترك بلادهم، بحجة الحياد أو الموضوعية، بل أنها لا تتردد في اتهام القاتل، وتحديده بوضوح: اللاجئ فر من الجريمة، التي يواصلها بشار الأسد بحقه. فـ"هو هرب من الموت مش ليموت من الذل" في لبنان، على ما ذُكر في لافتة إحدى المتضامنات. بالتالي، لا تتوقف الصفحة عند حدود الإدانة الإنسانوية، على العكس، تدخل في سجال سياسي، محاولة ً دحض مقولات العنصريين على اختلافها.
 
"تعلمنا منكم الكثير في ثلاث سنوات...ع الأقل نرد الجميل بحمايتكم وعائلاتكم من براميل ونيران المجرم. أهلاً وسهلاً بكم في لبنان"، كتبت زينب على لافتتها المتقاطعة  مع عبارةٍ، كتبها سلام، جاء فيها :"مرة في سوري رفع راسي وراسك". أما، عمر، فسجل في ورقته المصوَّرة: "مرة واحد حمصي انتفض لكرامته قبلي وقبلك"، مثلما رفع كامل جملة: "اللبناني العنصري بشوف حاله على النازح السوري، بالقليلة السوري عامل ثورة، أنت شو عامل غير تحتك؟". والحال، أن هذه العبارات وغيرها، تقبض على خرافة رئيسية من خرافات السلوك العنصري، أي "الفرادة"، التي يرددها بعض اللبنانيين عن أنفسهم، ظناً أنهم الأفضل والأكثر فطنة ً بالمقارنة مع باقي المجتمعات في الشرق الأوسط.

ومن هذه الناحية، تبدو عنصرية هؤلاء كأنها رد فعل عنيف على انهيار "فرادتهم" و"امتيازهم" على وقع الثورات العربية، السورية على وجه الدقة. ذاك أن السوري، الذي كانوا يتوجهون إليه باستخفاف، استطاع الإنتفاض في وجه الطاغية، أما هم، فما كادوا يخرجون من أزمة، حتى دخلوا في أخرى، ما يفاقم ضعفهم ويعطل اجتماعهم مع الآخرين.
 
في سياق مرتبط، ومن خلال الصور، التي تنشرها على جدارها، تنتقد الصفحة السلوكيات اللبنانية، التي تؤدي بأصحابها إلى أخذ مواقف عنصرية، كـ"البريستيج"، والإذعان للسلطات الحزبية، وغيرهما. فقد كتب أحد المتضامنين مختصراً بعض التنميطات اللبنانية: "السوري الحمصي مش حمار، والمصري ريحتو مش طالعة، والأثيوبية مش سيرلنكية، والحق مش ع الطليان. الحق على يلي خلاك تصير هيك وضحك عليك". يُضاف إلى ذلك، أن "الحملة" تتوجه إلى السوريين، مذكرة ً إياهم بأن النظامين اللبناني والسوري عملة ً واحدة، العنصرية والظلم أدواتهما. نحيي شجاعتكم، ونخجل بخضوعنا"، حسبما كُتب على لافتة "الحركة الطلابية البديلة LAU".

هذا، ويذكر بعض المتضامنين بتموز 2006، يوم لجأ النازحون اللبنانيون إلى سوريا، حيث استُقبلوا بطرق لائقة، ولم يجرِ التعامل معهم كأنهم "غرباء"، مثلما لا ينسى المتضامنون أن يوجهوا إعتذاراً إلى اللاجئين، علّه يكون سبيلاً إلى الإنتهاء "مما فعله العنصريون منا". ذاك، أن اللبنانيين والسوريين يجمعهم مشترك راسخ، أشارت إليه ريان في لافتتها بعبارة "حريتنا واحدة"....نعم، حريتنا واحدة، و"كلنا لاجئون" في وجه العنصرية الممارسة ضدكم!

1920065_276099369232869_599008863_n.jpg
 
1004877_276643492511790_963866539_n.jpg

1510982_276004565909016_1999830589_n.jpg

1487387_275607635948709_1237729445_n.jpg
 
increase حجم الخط decrease