صلاح عزالدين ونصف مليار دولار.. خارج السجن

وقع قرار اخلاء سبيل رجل الأعمال صلاح عزالدين غير المشروط كالصاعقة على جميع المتضررين من افلاسه. وجاء اخلاء سبيل عزالدين بعد مرور أربع سنوات ونصف من  توقيفه على ذمة التحقيقات بتهمة الافلاس الاحتيالي الموجهة اليه بموجب المادة 689 من قانون العقوبات اللبناني. وقد أصدر رئيس محكمة الجنايات القاضي عبد الرحيم حمود قراره بالموافقة على  اخلاء  سبيل عزالدين بكفالة  قيمتها خمسة ملايين ليرة لبنانية فقط لا غير.

قرار الإخلاء قابله عتبٌ، عبّر عنه المحامي أشرف الموسوي، وهو وكيل الوزير حسين الحاج حسن، أحد المتضررين من افلاس عزالدين، لـ "المدن" ، بالقول: "العتب الوحيد يتعلق بقيمة الكفالة المتدنية التي فرضها القاضي لاخلاء سبيل عزالدين"، ويشرح أن الكفالة المالية "هي ضمانة يجبر من خلالها القاضي، الشخص المخلى سبيله، على حضور الجلسات اللاحقة من التحقيق". اذن فإن انخفاض قيمة الكفالة المالية الى هذا الحد يعتبر بمثابة سحب جميع الضمانات من أيدي المتضررين، خاصةً أن القرار المذكور لم يتضمن اي قيود على حرية عزالدين لناحية السفر خارج البلاد. 

وإستناداً الى قانون أصول المحاكمات الجزائية، يلفت الموسوي النظر الى أن "للمحكمة أن تقرر منع سفر عزالدين حتى صدور الحكم النهائي بحقه وتنفيذه" وهذا ما لم يحصل. أما عن امكانية الطعن بالقرار، يوضح أن "قرار اخلاء السبيل هو من القرارات غير القابلة لأي طريق من طرق المراجعة". وفيما تبدو جميع طرق الحل مسدودة أمام المتضررين، يعبر الموسوي عن أمنية تشكل بصيص النور الوحيد أمامهم. "أمنية المدعين بوجه عزالدين، هي أن تقوم المحكمة مصدِّرة القرار باخلاء السبيل، بفتح المحاكمة وتقرير انفاذ مذكرة القاء القبض بحقه موقوفاً مجدداً" يقول الموسوي. 

أما عن جوهر القضية، أي عن نصف مليار دولار تعود لـ 400 شخص كانوا يودعون أموالهم لدى عزالدين لاستثمارها، وهم لا يزالون بانتظار تعويضاتهم، "فان المسألة محكومة بالجلسات القادمة". وبالنسبة للموسوي، فإن "وجود عزالدين خارج السجن، يدخل القضية في دوامة من المماطلة وتأجيل الجلسات، فيما أن أكثر ما نخشاه هو فرار عزالدين خارج لبنان". ويعتبر الموسوي أن اخلاء سبيل عزالدين على هذا النحو، دليل على أن "الكلام الذي جرى في الكواليس حول جهوزيته للقيام بتسويات وسناريو الـ 20% لم يكن الا بهدف المماطلة". أما بالنسبة لامكانية استيفاء المتضررين لشيء من ديونهم من خلال مجموع امواله المشمولة بالتفليسة، فإن "اجراءات التفليسة لا تزال مستمرة، الا أنني كوكيل لم أعقد آمالا عليها لأن عزالدين لم يقدم أي شيء واضح عن املاكه". أما عن
مكان عزالدين، ينفي الموسوي وجود أي معلومات أكيدة تتعلق بخروجه من السجن حتى الآن، و"المعلومات لا تزال ملتبسة". 

"ما في حكي، العالم متفاجئة ومصدومة"، تقول احدى السيدات المتضررات لـ "المدن". السيدة التي تنتمي الى بلدة عزالدين، أي بلدة معروب في قضاء صور تتحدث عن خوفها من اقدام عزالدين على السفر خارج البلاد، حيث أن "التطمينات في هذا الاطار منعدمة". "الأموال راحت وماتت مع الميتين" تنهي حديثها، من دون أي أمل باسترداد حقوقها من الشخص الذي غرر بها وبالكثيرين غيرها،
من خلال فوائد مرتفعة كان يدفعها مقابل استثماره لأموالهم.

"من زمان منتظرين خروج الحاج من السجن، وبمرافقة أيضاً" يقول أحد أقارب عزالدين لـ "المدن". يكمل قريب عزالدين أن الأخير
ليس شخصاً عادياً، وبعد خروجه من السجن "سيصبح زعيما، وسيعيد الأموال لأصحابها".

 عزالدين الذي كان يعمل في تجارة المعادن والذهب في افريقيا، هو أيضاً مالك دار الهادي للنشر، ومن رجال الأعمال والمتمولين المقربين جداً من حزب الله، الأمر الذي كان مصدراً أساسياً لاكتسابه ثقة مجموعة كبيرة من أبناء منطقته، حيث يتمتع الحزب بقاعدة شعبية واسعة. وكان حزب الله قد تبرأ منه في الفترة التي تلت افلاسه، بعد ان عقد المتضررون آمالهم بالحصول على تعويضات من الأخير، في حين أن من بين المتضررين مجموعة من كوادر الحزب. 

 وقد جاء القرار بالموافقة على اخلاء سبيل عزالدين في ظل موجة من التسويات السياسية التي تمر بها الدولة اللبنانية. الأمر الذي قد ينعكس اما ايجاباً على حقوق المتضررين من خلال التعويض عليهم كلياً أو جزئياً عبر تسويات يرعاها حزب الله نفسه، ليبقى بعدها داخل الأراضي اللبنانية، واما أن تنعكس سلباً بعد ان تتلاشى حقوقهم بسفر عزالدين وتواريه عن الأنظار. وفي حين ان أي حديث في هذا الاطار يبقى من قبيل التوقعات، يبقى موعد جلسة المحاكمة القادم في 2 حزيران 2014 هو التاريخ الذي قد يقدم دليلاً واقعياً حول بقاء عزالدين داخل لبنان أم فراره مع حقوق المتضررين الى الخارج.