الثلاثاء 2014/04/15

آخر تحديث: 00:08 (بيروت)

المركزي السوري يستخدم الصرافين للتلاعب بالليرة

الثلاثاء 2014/04/15
المركزي السوري يستخدم الصرافين للتلاعب بالليرة
سياسة المركزي المتمثلة بضخ الدولار في السوق لا تجدي نفعاً (أ. ف. ب)
increase حجم الخط decrease
بعد استعار عمليات المضاربة التي أدت لارتفاع سعر صرف الدولار في السوق إلى حدود 176-180 ليرة مع مطلع الأسبوع الثاني من نيسان الجاري، عقد مجلس النقد والتسليف في حكومة النظام اجتماعاً نوعياً لمواجهة ما وصف بـ"المؤامرة الكبرى" التي تشنها بعض دول الجوار والمضاربين على الليرة السورية، في تكرار واضح للأسطوانة عينها التي اعتاد السوريون على سماعها، كلما أرادت الحكومة تغطية عمليات فسادها. وقد خرج الاجتماع المذكور بقرارين سيعيدان حسب ادعاء البنك المركزي الاستقرار لسعر الصرف عند حدود 150 ليرة.
القرار الأول هو الإعلان عن جلسة بيع 20 مليون دولار ستتم يوم الاثنين المقبل 21 نيسان، وسيتبعها لاحقاً جلسات تدخل أخرى، والهدف حسب المركزي هو زيادة المعروض من الدولار لدى شركات الصرافة.
هذا القرار يعني بوضوح عزم المركزي على الاستمرار في سياسة ضخ الدولار التي لم تحقق استقراراً لسعر الصرف، بل إن هذه السياسة قد سمحت بتسرب الدولار من خزينة الدولة إلى أيدي المضاربين ليستخدموها في المضاربة من جديد، حينما يعطيهم المركزي الإشارة للقيام بذلك.
أما القرار الثاني فتمثل بترك 20% من الحوالات الواردة لشركات الصرافة لتبيعها وفقاً لاحتياجات السوق. وهذا ما يشكل شرعنة لعمليات النهب التي تمارسها شركات الصرافة بحق المواطنين الذين يدركون جيداً أن تأخير هذه الشركات في تسليمهم لحوالاتهم، مرده إلى متاجرة هذه الأخيرة بقيم الحوالات الواردة بالقطع الأجنبي والتي تتراوح يومياً ما بين 1.5-2.5 مليون دولار حسب المركزي، فيما تشير تقديرات مصرفية إلى أنها تصل إلى 7 ملايين دولار يومياً.
وقد بُرّر القراران المذكوران بحجة زائفة تماماً، ألا وهي تلبية حاجة السوق من القطع الأجنبي. إذ تظهر الأمر وكأن نقص المعروض من الدولار في الأسواق، قد جاء لأسباب خارجة عن إرادة المركزي، بالرغم من أنه المتسبب والرابح الفعلي من وراء ذلك. فحاجة السوق المحلي تكاد تقتصر في ظل تجريم التعامل بالدولار بين المواطنين، على أمرين: أولهما تمويل المستوردات، والثاني بقصد المضاربة.
 في ما يتعلق بتمويل المستوردات، ساهم المركزي عبر إجراءاته بدفع التجار للجوء للسوق السوداء لتمويل مستورداتهم، فشركات الصرافة حسب تصريحات صحافية لنائب رئيس غرفة تجارة دمشق، امتنعت عن تمويل التجار تحت ضغط المركزي بحجة عدم امتلاكها لكميات كافية من الدولار، والمصارف الخاصة لا تمول التجار إلا إذا امتلكوا حسابات فيها، وهذا ما جعل اللجوء للمضاربين الذين رفعوا أسعار الصرف خياراً أخيراً للتجار على مسمع ومرأى البنك المركزي الذي لم يحرك ساكناً.
ليس ذلك فقط، فالمركزي أعلن أنه قادر على تمويل مستوردات التجار بحدود 2-5 ملايين دولار يومياً، ولكن بسعر جديد حدد بـ 162 ليرة، بارتفاع قدره 10 ليرات، عن سعر الصرف الخاص بتمويل المستوردات والذي كان يتراوح ما بين 150- 152 ليرة، وهذا ما يشكل رسالة ضمنية للمضاربين برفع سعر الدولار المباع للتجار، طالما أن المركزي قد رفع سعره، ليغدو كلام المركزي عن أن إجراءاته ستخفض سعر الصرف إلى 150 ليرة مجرد نفاق علني. 
بالطبع لا يعني هذا أن المركزي قد فتح حرباً لضرب مصالح التجار، فهؤلاء بدورهم سيجعلون من رفع سعر الصرف حجة لرفع أسعار السلع ليكون المواطن المفقر هو الضحية الأكبر، وبالفعل فالأسعار بدأت بالتحليق مجدداً لا سيما السلع الالكترونية كالموبايلات وقطع الكومبيوتر التي يتغير سعرها مباشرة تبعاً للدولار، كما ارتفعت أسعار الطحين والسكر والرز بحدود 5-15 ليرة. وهو المطلوب بالنسبة للمركزي، إذ أن ارتفاع أسعار السوق ستشكل حجة لمؤسسات القطاع العام أيضاً لرفع أسعار منتجاتها، ومن خلال هذا تؤمن أجزاء لا بأس بها من الرواتب المستحقة على الحكومة لعامليها.
والحال ان سياسات البنك المركزي تعني بوضوح أنه ليس سوى جهاز للمضاربة بأموال الخزينة العامة التي جمعت من عرق السوريين، فبدل أن يعمل على تمويل المستوردات بأسعار منخفضة، فضّل ترك مصير الليرة بيد قلة خفية من مافيات المضاربة المرتبطة بالسلطة، لتكون الليرة ضحية لمؤامرات المركزي قبل أي شيء آخر.
 
increase حجم الخط decrease