الأحد 2014/04/13

آخر تحديث: 01:03 (بيروت)

المصارف... وتحدّي تنشيط الإقتصاد

الأحد 2014/04/13
المصارف... وتحدّي تنشيط الإقتصاد
المصارف الخاصة تحرص على ثقة المستثمر وثقة المودع وثقة المقترض (ا ف ب)
increase حجم الخط decrease
تناولت تقارير عديدة متانة القطاع المصرفي اللبناني وقدرته على مواجهة الأزمات المحلية والاقليمية، وتغنى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ومن ورائه المصرفيون بنتائج  نمو القطاع خلال السنوات الماضية، والمحافظة على أدائه في ظل توترات المنطقة، وأزمات لم ترحم حتى كبريات الدول الأجنبية. فسياسة لبنان  المالية والاقتصادية ترتكز على تأمين استقرار الليرة، والمحافظة على تدفق الودائع داخل قنوات قطاعه المصرفي حتى وصلت نسب الاحتياطي النقدي الى 36 مليار دولار، وأصبحت المصارف اللبنانية  تتمتع بملاءة تتعدى 10 في المئة وفقاً لإتفاقية بازل 3. 
على أنه يفترض بهذه الارقام والنسب أن تلعب دوراً بارزاً في خروج الاقتصاد من الانكماش، أو لربما الاجدر القول ان لهذه الارقام دوراً في عدم السماح للاقتصاد بالانكماش أصلاً. استقرار لليرة اللبنانية، نمو الودائع، ارتفاع نسب الاحتياطي الاجنبي، مقومات اساسية لا تتمتع بها كبريات الاقتصادات العالمية. لكن الحقيقة مغايرة للافتراضات المنطقية، فلبنان يعيش انكماشاً إقتصادياً، ولم تفلح المؤسسات التجارية والمالية في الإفادة من متانة القطاع المصرفي، فما هي أسباب هذا التباين؟ وكيف يمكن للاقتصاد أن يستفيد من حجم الاموال المودعة ويخرج من حلقة الفراغ؟ ماذا عن دور المؤسسات والشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم؟ اين هي على الخريطة الاقتصادية؟ وما هو دورها؟ وأي علاقة يفترض ان تجمع المصارف مع نمو هذه الشركات؟
وزير المال السابق والخبير الاقتصادي جهاد أزعور يعتبر ان التحديات الأساسية في وجه  تسليف القطاع الخاص كبيرة، خصوصاً انها تتعلق بالأوضاع السياسية والأمنية، ويقول لـ"المدن": لا اعتقد ان القطاع  المصرفي اللبناني يحتجب عن اقراض المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، نظراً لاهميتها في الاقتصاد، فهي تشكل العمود الفقري للاخير، كونها الملجأ الابرز للتوظيف وتشغيل اليد العاملة، بالإضافة الى إمكان إستمرارها في ظل الظروف الصعبة. ذاك انها مؤسسات ذات رأس مال صغير، وهي قادرة على التكيّف مع التغيرات الاقتصادية المحتملة.
لكن، برأي أزعور، غياب التسليف لهذه المؤسسات "لا يعود الى إحجام المصارف عن  الاقراض، بقدر ما هو خوف هذه المؤسسات من دخول اقتصاد يعيش على وقع ازمات متقلبة"، لذا "من واجب المصارف تقديم سلة من العروض التشجيعية لتحريك عجلة النمو حيث لا يمكن الخروج من الانكماش الحاصل الا بالاعتماد على هذه الشركات".
وطالب بتوسيع مرحة التمويل وذلك من خلال القيام بالخطوات التالية:
1- تطوير صناديق الاستثمار التي من خلالها تستطيع  الشركات اللبنانية أن تكبر وتنمو، وتعمل في بيئة مشجعة.
2- تطوير الأسواق المالية والبورصة لكي تقوم هذه الشركات بالدور الممنوح لها في ظل الاقتصاد الحر.

والحال ان دخول المؤسسات الصغيرة والمتوسطة على خريطة اعمال المصارف، يعد باباً جديداً لتحريك النمو، فما هو حجم الشركات المقترضة؟ وما هي الاجراءات المطلوبة للحصول على قروض مشجعة؟
الخبير الاقتصادي ومدير مركز الدراسات في بنك بيبلوس نسيب غبريل يجيب عن هذه التساؤلات بالأرقام، ويظهر تعاون المصارف في سبيل تأمين قروض ميسرة لهذه الشركات. يقول غبريل لـ"المدن": "الأرقام توضح حجم التسليفات للقطاع الخاص. فبالرغم من الأوضاع التي مرت وتمر بها البلاد، وصلت نسبة التسليفات للقطاع الخاص الى 47 مليون  دولار في العام 2013، مرتفعة ما يقارب 9% عن العام السابق، واذا عدنا الى الوراء وتحديداً منذ العام 2008 الى  العام 2013، فإن التسليفات وصلت الى ما يقارب 22 مليار دولار، وتعد هذه الأرقام بالنسبة الى لبنان والى ظروفه السياسية والمناخ الاقليمي نتائج لم تستطع ان تحققها كبريات الدول".
يتابع غبريل: "الحديث عن عزوف المصارف عن تقديم  قروض للقطاع الخاص لتمويل الاستثمارات غير دقيق، لأن المصارف تستفيد من توسيع حجم القروض، نظراً للفائدة المركبة التي يستفيد منها المصرف، بالإضافة الى مساهمة المصارف في تحريك عجلة النمو للبلاد، لكن ما يحدث في بعض الأوقات أن بعض المشاريع المقدمة تحتاج الى فترة دراسة جدوى اقتصادية ومالية. وبحسب تلك الدراسات يتبين ان حجم الشركة أو أعمالها ليست فعالة أو مشجعة للمصرف لتقديم القروض، وهذا حق المصرف في قبول أو رفض طلب القرض، نظراً لان المصارف تحرص على أمور ثلاثة: المحافظة على ثقة المستثمر، وثقة المودع وثقة المقترض. 
ويختم  غبريل قائلاً: "كمصارف نقوم، وبتشجيع من مصرف لبنان، بوضع لائحة لتقديم قروض إنتاجية تساهم في تحريك العجلة الاقتصادية، وبالتالي لا توجد أي معوقات في وجه أي قرض مقدم في ما خص المؤسسات الصغيرة والمتوسطة".
 
increase حجم الخط decrease