الخميس 2014/04/10

آخر تحديث: 01:14 (بيروت)

درباس لـ'المدن': النزوح يهدد بانفجار لبنان

الخميس 2014/04/10
درباس لـ'المدن': النزوح يهدد بانفجار لبنان
المجتمع الدولي يريد ان تكون مخيمات النازحين داخل الأراضي اللبنانية (علي علّوش)
increase حجم الخط decrease
برغم تفاقم أزمة النزوح السوري الى لبنان منذ ثلاث سنوات حتى الساعة، إلاّ أن الدور اللبناني الرسمي في معالجة هذه الأزمة ما زال غائباً، إمّا بقرار متعمّد، وإما بضغوط فرضها واقع إقليمي ودولي، حيث يؤكّد وزير الشؤون الإجتماعية رشيد درباس، في مقابلة مع "المدن"، ان وزارته "لم ترث من الحكومة السابقة سياسة واضحة تجاه هذا الملف، إذ هناك سياسة سائدة تقوم على إشاحة النظر والتجاهل والإهمال، ونتيجة ذلك، تفاقم الوضع حتى وصل لبنان الى مرحلة الإستنزاف والإنفجار"، أمّا الحل فيبنى على "تنظيم النزوح، وإنشاء خلية أزمة عربية، وضغوط من قِبل المجتمع الدولي".
وفي ما يلي نص الحوار مع درباس:
 
* تشابكت وتشعّبت قضية النزوح السوري الى لبنان حتى وصلت الى حد توصيفها بالأزمة، كيف يمكن تلخيص هذه الأزمة منذ بداياتها وحتى اللحظة؟
 
- في البداية إندلعت الثورة في سوريا، وقسم كبير من اللبنانيين فرح بالثورة وتعاطف مع النازحين واحسن إستقبالهم كضيوف، لكن هؤلاء إعتبروا أن الأمر مسألة أشهر وينتهي، وبعد فترة، الضيف المرحب به أصبح ضيفاً ثقيلاً وثقلت أحماله، والمجتمع المفترض بأنه صديق بدأ يضيق ذرعاً. أيضاً، كثافة النازحين كانت ترتكز على المناطق السنية، والمجتمع السني بدأ يحس بعبء وجودهم، لأن القادمين يتلقون مساعدات، ويعرضون قوتهم العاملة الأرخص من القوة العاملة اللبنانية، في حين أن المجتمع المضيف لا يتلقى اي مساعدات، لأن برنامج المساعدات مخصص للسوريين فقط وليس للمجتمع المضيف. وتخطت الأزمة في ما بعد المناطق السنية، إذ تشير الخرائط المستندة الى الإحصاءات المسجّلة من شهر حزيران 2012 الى آخر العام، وفي الفترة نفسها من العام 2013، الى انتشار نقاط حمراء متناثرة في عكار والبقاع، واليوم تتوسع النقاط الحمراء، وستغطي الخريطة اللبنانية من النهر الكبير الجنوبي الى رأس الناقورة، ومن البحر الى سلسلة الجبال الشرقية، لأن الإحصاءات التي تملكها الوزارة تشير الى ان عدد النازحين، إذا استمرت الأوضاع كما هي عليه، سيصل في نهاية العام 2015 الى حوالي 5 ملايين نازح.
 
* هل هناك تقديرات لكلفة النزوح السوري على الإقتصاد اللبناني؟ وأين هي المساعدات العربية والدولية التي يفترض بها إعانة لبنان على تحمّل كلفة النزوح؟
 
- بطبيعة الحال هناك كلفة كبيرة للنزوح السوري، فالى جانب الوضع الإقتصادي المتردّي في لبنان، هناك 85% من النزوح السوري يجلس على 76% من الفقر اللبناني، الأمر الذي يفاقم كلفة النزوح على المستوى الإجتماعي، ويتخطّى حجم الخسائر المادية التي لحقت بالإقتصاد اللبناني بفعل النزوح، والبالغة 7 مليارات و500 مليون دولار ( بحسب إحصاءات البنك الدولي)، وهذه الكلفة يتحملها لبنان وحده ولا تشاركه الدول العربية المقتدرة بتحملها، في حين ان المسألة هي مسألة قومية عربية بإمتياز. أمّا المجتمع الدولي، وبرغم ان بعض الدول الأوروبية تأخذ عدداً من النازحين من لبنان وتستقبلهم، إلاّ ان الوتيرة التي تتم فيها هذه العملية بطيئة وتقوم على الإنتقاء، ويمكنها معالجة موضوع آلاف النازحين، وربما مليون، لكن كيف سنعالج موضوع ما فوق المليون نازح؟
 
* يعمل الإتحاد الأوروبي على تأمين المساعدات للنازحين، ألا تكفيهم تلك المساعدات؟
 
- خلال لقاء مع سفيرة الإتحاد الأوروبي في لبنان انجيلينا ايخهورست، لفتت النظر الى ان الإتحاد الأوروبي دفع ما قيمته حوالي مليار دولار كمساعدات مباشرة  للنازحين السوريين، كبدلات إيجار وبطاقات دعم لشراء مواد غذائية... وما الى هنالك. إلاّ انه، وفي الحسابات، لم يصل في العام الماضي أكثر من 56% من المساعدات المقدّرة، واليوم نحن في شهر نيسان، ولم يصل حتى الآن سوى 14% من المساعدات، ما يعني ان وتيرة المساعدات تتراجع، ما دفع ايخهورست الى القول بأنه لابد من إغاثة الإغاثة.
 
* ما هي معطيات الوزارة في ما يتعلق بالمخيمات، وما الفارق بين كلفة وجود مخيمات شرعية وكلفة وجود غير الشرعية منها؟
 
- وصل عدد المخيمات غير الشرعية الى 1000 مخيم غير مراقب، وهي تستوعب فقط 17% من الوجود السوري في لبنان، ما يعني ان 83% من اللاجئين موجودين داخل الخلية اللبنانية، ويشاركون اللبنانيين الهواء والمياه والطاقة والبنية التحتية، وفي المقابل، المجتمع الدولي لا يموّل إقامة مخيمات على الحدود، بل يطلبون أراضي لإقامة مخيمات دون ان يدفعوا أجرتها، بحجة أنهم لا يملكون أموالاً. أمّا كلفة وجود مخيمات شرعية منظمة، فهو أقل بكثير من كلفة عدم وجودها، كما هو حاصل اليوم، وهذه الكلفة تنسحب على مجالات عديدة، إقتصادية وإجتماعية وأمنية وليس فقط على المستوى المادي، وعلى سبيل المثال، وجود مخيم شرعي مجهّز يمكن ان يكون فيه بيوت جاهزة، ووجود البيوت يسحب النازحين من بين اللبنانيين، ما يخفف من الإحتقان الموجود حالياً. ويمكن للنازحين أخذ هذه البيوت معهم الى سوريا عندما يعودون، ما يمكّنهم من العيش فيها بإنتظار إعمار منازلهم، ما يشكّل مساعدة لهم في مرحلة لاحقة.
 
* كوزارة للشؤون الإجتماعية، ما هي الحلول المباشرة التي تقترحونها لمعالجة النزوح؟
 
- يجب تنظيم النزوح نحو لبنان، وأن يتحول لبنان الى منصة إستقبال للنازحين، على أن تستقبلهم الدول الأخرى، كما يجب إنشاء مراكز إستقبال على الحدود، وقد فكرنا في لبنان أن نقيم مراكز إستقبال في مساحات تابعة للدولة اللبنانية، تقع بين الحدود اللبنانية السورية، على سبيل المثال بين نقطة المصنع اللبنانية وجديدة يابوس السورية، لكن المجتمع الدولي لم يرحب بهذه الفكرة، وقال بأنه يريد المراكز بعيدة عن الحدود 30 كيلو متراً، ما يعني أنه عملياً يريدها داخل المدن اللبنانية. أيضاً، يمكن للدول الكبرى أن تفرض مناطق إيواء آمنة داخل سورية، وتقول انه يمنع على أحد إستهدافها، وتسهّل للأمم المتحدة كل السبل لتقديم مساعداتها للنازحين في تلك المناطق، وإجراء المراقبة الأمنية.
 
increase حجم الخط decrease