الخميس 2014/04/24

آخر تحديث: 03:38 (بيروت)

سيناء..جذور ازمة بلا حل

سيناء..جذور ازمة بلا حل
الجماعات المسلحة انتقلت من مقاومة خارجية إلى تمرد مسلح إلى صراع مع الدولة (أ ف ب)
increase حجم الخط decrease
تحل في الـ 25 من نيسان/إبريل، الذكرى السنوية الثانية والثلاثين لتحرير شبه جزيرة سيناء من الإحتلال الإسرائيلي. لكنها المرة الأولى التي تنقل فيها الاحتفالات بعيد التحرير، خارج أراضي سيناء الشاسعة "لدواعٍ أمنية".
 
سيناء كانت قد شهدت ميلاد أول فرع لتنظيم "القاعدة" في مصر. لكن ومنذ البداية، اكتفت جماعة "أنصار بيت المقدس" باستهداف خط تصدير الغاز الطبيعي إلى إسرائيل والأردن. بانتهاء هذه المرحلة في صيف العام 2012، انتقلت عمليات "الأنصار" إلى داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، كما مدينة أم الرشراش "إيلات"، المشكوك في تبعيتها السياسية قبل النكبة 1948.
 
تَحركُ الجيش في الثالث من تموز/يوليو من العام 2013، وما نجم عنه من إسقاط الرئيس الإخواني المنتخب محمد مرسي، أتى بتداعيات سياسية وأمنية متلاحقة. فالشواهد تتضافر على حدوث اتفاق بين اسرائيل وقيادة الجيش المصري، صاحبة السلطة الفعلية، على تأمين حدود دولة الإحتلال مقابل ضغط تل أبيب على واشنطن وبروكسل، لعدم اعتبار ما حدث انقلاباً عسكرياً. 
 
ذلك الموقف، ضمن استمرار المعونات الأميركية العسكرية المقدمة للجيش المصري، واستمرار معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، أي ما يمثل مصلحة مشتركة للطرفين. في هذا السياق، شنّت قوات الجيش هجمات شديدة وموسعة ضد الجماعات المسلحة في سيناء، ما اضطر تلك الجماعات إلى تحويل دفّة نيرانها نحو القوات المصرية.
 
انتقال الجماعات المسلحة، من مقاومة خارجية متمردة على سلطة الدولة، إلى حالة تمرد مسلح، محلي، في صراع مباشر مع الدولة، تزامن مع الإنقسام الإقليمي بين "القاعدة" و"داعش". ذلك الانقسام كان له صدى في سيناء، وبسببه مالت "أنصار بيت المقدس" إلى الدواعش. فنحا خطابها منحىً أكثر تطرفاً، وانطلقت نحو ايقاع الضحايا بين المدنيين، سواءً باغتيال المشكوك في تعاونهم مع الجيش في سيناء، أو عبر نقل العمليات إلى التجمعات السكنية المحيطة بأهدافهم الشرطية والعسكرية.
 
جزء من الحقيقة، يكون باعتبار "أنصار بيت المقدس" وحلفائها المحليين في سيناء، جماعة إرهابية. لكن الجزء المتمم هو الحديث عن إرهاب السلطة ضد المدنيين في شمال سيناء بحجة محاربة الإرهاب. يأتي ذلك، في ظل عدم اتخاذ الحكومة المصرية لموقف رسمي من "الأنصار" على غرار ما أعلنته عن "الإخوان المسلمين" كجماعة إرهابية. وعلى الرغم من أن جماعة الأنصار كانت قد استهدفت مديرية أمن الدقهلية في مدينة المنصورة في كانون أول/ديسمبر 2013 بعملية إرهابية. 
 
انطلاق العمليات العسكرية الموسعة يوم 7 أيلول/سبتمبر 2013، ترافق مع قطع يومي لشبكات الاتصالات والإنترنت، لفترات تترواح بين 8-12 ساعة يومياً. سقط عشرات الأبرياء برصاص الجيش، من بينهم نساء وأطفال، وقُصفت القرى بالطيران الحربي الذي لم يحلّق تاريخياً في في سماء المنطقة الحدودية منذ عام 1967. جرى تسهيل ذلك عبر تعطيل الملحق الأمني من معاهدة السلام، بإتفاق مصري-إسرائيلي، وإشراف أميركي.
 
اقتلعت عشرات الآلاف من أشجار الزيتون، ونسفت عشرات المنازل بالديناميت وقذائف الدبابات. لم يشفع لها البعد عن مناطق الأنفاق. وكان حقوقيون وصحافيون قد وثقوا آثار الدمار الذي ضرب أرجاء "الشيخ زويد" و"رفح" وقراهما الجنوبية، حيث تم التهجير القسري الكامل لسكان بعض الأحياء، مثل حي "الدهينية"، وشبه الكامل في بعض القرى مثل "الثومة".
 
كما اعتقل المئات عشوائياً، البعض منهم عثر عليه كجثث ملقاة في أماكن مهجورة وعليها آثار تعذيب. القتل تمّ في سلخانتيْ التعذيب المعروفتيْن رسمياً بمقر "الكتيبة 101" في العريش ومعسكر "الزهور" في الشيخ زويد. سقط الأطفال والبالغون بالرصاص "الإحترازي" الموجه إلى الصدر والرأس في الارتكازات الأمنية، وأحرق أثاث المنازل التي تم تفتيشها.
 
في هذه الأجواء من العنف، لم يعد مستغرباً اعتقال الناشط اليساري حسن حنتوش، منسق مدينة الشيخ زويد في حملة حمدين صباحي، المنافس الوحيد لوزير الدفاع المستقيل في الإنتخابات الرئاسية المقبلة، وشبه المحسومة لصالح الأخير.
 
النزوح الجماعي للمئات نحو الغرب، ومن المنطقة الحدودية نحو العريش، ومن العريش نحو وادي النيل. يجعل من نقل الاحتفالات بتحرير سيناء إلى مدينة الإسماعيلية، أمراً غير ذي بال في نظر سكان سيناء، الذين يسخرون تلقائياً من احتفالات شهري نيسان/أبريل وتشرين أول/أكتوبر. بالنسبة لهم فإن تحرير سيناء 1982 وانتصار 1973، لم يُحسنا من حياتهم شيئاً بعد ثلاثة عقود من الإنتظار. وعلى الرغم من ذلك، يُنشِطُ قرار نقل الإحتفالات ذاكرة المصريين القريبة، حين أخذ قائد الجيش الثاني الميداني المقال قبل سبعة شهور، وعداً على نفسه، بتسليم سيناء "متوضئة" وخالية من الإرهاب في غضون سبعة أيام.
 
increase حجم الخط decrease